Ad
قصص 💕

قصه نواف وزوجته هديل

قصة نواف وزوجته هديل من اللحظة التي بدأ فيها كل واحد منهم يحاول يصلّح اللي انكسر بينهم، ويعيد ترتيب تفاصيل حياتهم من جديد.

كانت الليلة هادئة، والمدينة برا شبه ساكنة، لكن داخل بيت نواف وهديل كان في حركة مختلفة تماماً.

هديل واقفة في المطبخ، تجهز الشاي بالنعناع، وعيونها تروح وتجي على باب الصالة كل شوي وكأنها تنتظر شيء ما تعرفه بالضبط، كلمة، نظرة، أو ربما خطوة صغيرة تثبت لها إن نواف فعلاً ناوي يفتح صفحة جديدة معها.

في الصالة كان نواف يلف بين الكنبة والنافذة، يمسك جواله أحياناً، ويرجعه أحياناً ثانية على الطاولة من غير ما يفتحه، كأنه يحاول يقرر من وين يبدأ الكلام.

هو مو من النوع اللي يعرف يختار الكلمات بسهولة، لكن بعد اللي صار بينهم في الأيام الماضية، صار يعرف إن الصمت مو حل، وإن كبرياءه أحياناً هو أكبر عدو لحياتهم الزوجية.

دخلت هديل بالصينية، عليها كوبين شاي، وضعتهم على الطاولة بهدوء وجلست على الطرف الثاني من الكنبة.

بينهم مسافة صغيرة، لكنها كانت تحس إنها أكبر من المسافة بين قارتين.

قال نواف بصوت منخفض لكنه واضح.

“هديل.”.

رفعت عيونها له، فيها حذر بسيط، وفيها أيضاً شيء من الأمل.

“نعم.”.

تنهد نواف.

“أدري إن كلمة آسف ما تكفي، وأدري إنك تعبانة من تكرار الوعود، بس صدقيني هالمرة أنا مو جاي أقول وعود فاضية.”.

بقيت تنظر له بصمت، تنتظر تكملة كلامه.

أكمل وهو يحاول يجمع شجاعته.

“يمكن ما كنت فاهمك صح، ولا فاهم قد إيش كل كلمة أقولها تأثر فيك، كنت أتصرف كأني عادي، أزعل، وأسكت، وأتركك تتألمين وحدك، مع إن هذا الشيء آخر شيء أبيه يصير لك.”.

همست هديل.

“نواف، أنا ما كنت أنتظر منك تكون مثالي، كنت بس أبي أحس إنك معي، مو ضدي، أحس إنك تشوف تعبي، تشوف خوفِي، تشوف حتى لحظات ضعفي وما تستخدمها ضدي.”.

أطرق نواف برأسه.

“عارف، ولهذا السبب لازم أتكلم بوضوح، مو بس عنك، عني أنا بعد.”.

جلس للأمام شوي، كأنه يقرب المسافة بينهم.

“أنا من زمان متعود أحبس كل شيء في قلبي، ما أحب أشتكي، ما أحب أظهر ضعفي، أقول لنفسي دايم، نواف لازم يكون قوي، لازم يكون متماسك، بس ما كنت فاهم إن هالشيء يخليك تحسين إنك بعيدة، وإنك مو مهمة عندي، مع إنك أهم شخص في حياتي.”.

بدأت عيون هديل تلمع.

“لو سمعت هالكلام من زمان، يمكن ما كنا وصلنا لهالمرحلة.”.

هز رأسه بأسف.

“أتفق، بس بدل ما نظل نلوم الماضي، خلينا نقرر شنسوي في المستقبل.”.

سكت لحظة، ثم قال.

“تدرين إن أغلب مشاكلنا بدأت لما صرت أحس بضغوط مادية كبيرة وأخاف أقول لك، وأنت بنفس الوقت صرت تحسين إني بعدت عنك، وكل واحد فينا كان يتألم بصمت.”.

قالت هديل.

“كنت أحس إن البيت صار بس محطة نوم لك، لا جلسات، لا جلسة سوالف مثل قبل، لا ضحك، حتى لعبة الأسئلة اللي كنا نلعبها قبل النوم تركناها.”.

ابتسم نواف بخفة.

“تذكرين لما كنت تسألينني سؤال كل ليلة قبل ما ننام، سؤال غريب أحياناً، وعميق أحياناً.”.

ضحكت هديل ضحكة صغيرة حزينة.

“كنت أسوي كذا عشان أعرفك أكثر، أحس إن كل يوم أكتشف فيك شيء جديد، بس بعدين حسيت إنك ما عدت مهتم.”.

قال نواف بصراحة.

“أنا ما كنت مو مهتم، بالعكس، بس كنت مرهق وخايف ومضغوط، وكل همي أهرب من التفكير، فصرت أمسك الجوال، أو أنام بسرعة، على بالي كذا أرتاح، وما انتبهت إن هروبي صار جرح لك.”.

صمتت هديل قليلاً، ثم قالت بنبرة أكثر هدوءاً.

“طيب يا نواف، دامك فهمت الحين، وش ناوي تسوي؟ الكلام حلو، بس أنا قلبي محتاج يشوف شيء مختلف.”.

ابتسم نواف ابتسامة صادقة هذه المرة.

“متفق مية بالمية، عشان كذا فكرت في شيء.”.

قالت بفضول.

“إيش هو؟.”.

أخذ نفساً، ثم قال.

“أبي نعيد ترتيب حياتنا من جديد، مو بس بالكلام، فعلياً، نحط نظام لحياتنا، عشان ما تضيعنا ضغوط الشغل، ولا الروتين، ولا حتى الخلافات الصغيرة.”.

رفعت حاجبها.

“نظام؟ تقصد جدول يعني؟.”.

قال.

“مو جدول جامد، بس إطار عام، مثلاً.”.

رفع أصابعه وهو يعد.

“أولاً. نخصص وقت يومي للحديث، ولو نصف ساعة قبل النوم، بدون جوالات، بدون تلفزيون، بس أنا وإنت نتكلم عن يومنا، عن شعورنا، عن أي شيء في بالنا.”.

أومأت هديل.

“حلو.”.

قال.

“ثانياً. نخلي في الأسبوع يوم واحد على الأقل يكون لنا، نسوي فيه نشاط سوا، نطلع، نلعب لعبة زوجية، نسوي تحدي بيننا، المهم يكون يوم مختلف عن باقي الأيام، نكسر فيه الروتين، ونذكر نفسنا أننا مو بس شركاء في البيت، إحنا بعد أصدقاء.”.

ابتسمت هديل.

“يعجبني هذا الكلام.”.

أكمل.

“ثالثاً. إذا صار خلاف بيننا، نتفق إننا ما ننام وإحنا زعلانين، حتى لو ما حلّينا كل شيء، على الأقل نصفي قلوبنا، ونقول لبعض إن الزعل من الموقف مو من الشخص.”.

هنا، شعرت هديل أن قلبها بدأ يلين تماماً، لأن هذا بالضبط ما كانت تحتاجه، وضوح، ومحاولة، وجهد حقيقي، مو مجرد اعتذار عابر.

قالت بهدوء.

“أنا موافقة، بس أبي كنت بعد تدخلني في عالمك أكثر، يعني لو عندك ضغط في الشغل، لا تخبيه عني، خلني شريكتك فيه، يمكن ما أقدر أغيّر الواقع، بس على الأقل أكون جنبك.”.

ابتسم نواف.

“أنت أصلاً ظهري وسندي، وما راح أخبي شيء عنك بعد اليوم.”.

مد يده نحو يدها، ترددّت لحظة، ثم وضعت يدها في يده أخيراً، إحساس دفء أصابعهم المتشابكة كان يشبه توقيع اتفاقية جديدة، بس هالمرة مو على ورق، على مستوى القلب مباشرة.

.

مساء مختلف

بعد هذا الحوار، صار المساء له معنى آخر في بيت نواف وهديل.

في الليلة اللي بعدها، اكتفى نواف بالرد على إيميلات العمل قبل ما يوصل البيت، ولما دخل الشقة، أول شيء سواه إنه حضن هديل وقال لها.

“اشتقت لك اليوم.”.

كانت هذه الجملة وحدها كافية تخلي قلبها يرفرف.

جلست معه في الصالة، أحضرت ورقتين وقلم، وجلست مقابلة له.

قالت بابتسامة لطيفة.

“تعال نلعب لعبتنا القديمة، لعبة الأسئلة.”.

ضحك نواف.

“يا الله، رجعنا لها.”.

قالت.

“إي، بس هالمرة نلعبها بوعي أكثر، مو بس فضول، نخليها وسيلة نتعرف فيها على بعض من جديد.”.

كتبت في ورقتها عدة أسئلة، وهو كتب أسئلته أيضاً.

ثم بدأوا يتبادلون، سؤال يقابله سؤال.

سألت هديل.

“لو تقدر تصف شعورك في حياتنا الزوجية بكلمة واحدة، وش تختار؟.”.

أجاب بعد تفكير بسيط.

“أختار كلمة. بيت.”.

نظرت له باستغراب لطيف.

“بيت؟.”.

هز رأسه.

“إيه، لأنك بالنسبة لي مو زوجة بس، أنت البيت اللي أرجع له، المكان اللي أقدر أكون فيه على طبيعتي، حتى لو أخطيت، أعرف إنه في فرصة أبدأ من جديد.”.

شعرت هديل بحرارة خفيفة في عينيها، ثم كتبت كلمة “بيت” على طرف ورقتها وابتسمت.

جاء دور سؤال نواف.

“وش أكثر لحظة حسّيتِ فيها إني بعيد عنك؟.”.

ترددت قليلاً، ثم قالت بصراحة.

“لما كنت تجلس معي والجوال في يدك، ترد على الرسائل وتتجاهل كلامي، كنت أحس إني أتكلم مع جدار.”.

أطرق نواف رأسه.

“أعرف، وصدقيني هذا الشيء من أكثر الأشياء اللي ندمت عليها.”.

هزّت رأسها.

“خلاص، الحين إحنا متفقين نغير هذا الشيء، مو مهم الماضي، المهم اللي جاي.”.

استمرت لعبة الأسئلة بينهم تقريباً ساعة كاملة.

سألها عن أحلامها اللي تأجلت.

سألته عن مخاوفه اللي يخفيها.

حكت له عن أمنيتها تكمل دراسة معينة كان الوقت ظروفاً تمنعها.

وحكى لها أنه يخاف يفشل في عمله ويخيب ظن أهله، ويخاف أكثر إنه يخيب ظنها هي.

هذه الجلسة، رغم بساطتها، صارت نقطة تحول كبيرة، لأن كل واحد منهم شاف الإنسان اللي داخل الآخر، مو بس الزوج أو الزوجة أو الشريك اليومي، شاف القلب، والقلق، والأحلام الصغيرة.

.

تغيير في أسلوب الحياة

مع الأيام، بدأت ملامح التغيير تظهر في حياتهم بشكل أوضح.

هديل بدأت تهتم أكثر بنفسها ليس فقط عشان ترضي نواف، بل عشان ترضي روحها هي.

رجعت تمارس هوايتها اللي تركتها من فترة، الرسم.

كانت تجلس عند النافذة عصر كل يوم تقريباً، ترسم مشاهد بسيطة.

مرة فنجان قهوة، مرة كتاب مفتوح، ومرة عيون تشبه عيون نواف، لكنها ما قالت له هذا الشيء.

أما نواف، فصار يحاول يخفف ضغط الشغل عن نفسه قدر الإمكان، يتعلم يقول “لا” لبعض الطلبات الزائدة اللي تستهلك وقته بدون داعي، وصار ينظم وقته بشكل أفضل، جزء للعمل، جزء للراحة، وجزء لهديل.

يوم الإجازة الأسبوعية صار مختلف تماماً.

ما عاد مجرد يوم نوم طويل، صاروا أحياناً.

يخرجون يتمشون في حديقة قريبة.

أو يجلسون في كوفي ويختارون قائمة أسئلة زوجية من الإنترنت ويتجاوبون معها.

أو يسوون تحدي “مين يعرف الثاني أكثر”، واللي يخسر في التحدي ينفذ طلب بسيط للطرف الثاني، مثل إعداد فطور خاص، أو مساج بسيط للكتف، أو اختيار فيلم لليلة.

هذه التفاصيل الصغيرة صنعت بينهم نوع جديد من القرب ما عرفوه من قبل.

.

أول اختبار بعد المصالحة

لكن الحياة ما تمشي دائماً بسلاسة، حتى بعد التفاهم.

جاء وقت اختبار حقيقي لهم، لما انعرض على نواف مشروع جديد في العمل، أهم من كل اللي قبله، لكنه يتطلب ساعات عمل أطول، وبعض الأيام يرجع فيها متأخر جداً.

جلس مع هديل في المساء وقال لها بجدية.

“هديل، ممكن نتكلم عن شيء مهم؟.”.

شعرت بالقلق للحظة.

“خير إن شاء الله.”.

أخبرها عن العرض، وعن الفرصة، وعن التحدي، وعن خوفه إنه يرجع يبعد عنها مثل قبل بسبب ضغط الشغل.

سكت بعد ما خلص كلامه، وكأنه ينتظر الحكم منها.

فاجأته هديل بردها الهادئ.

“نواف، أنا ما أبي أكون العقبة في طريق نجاحك، ولا أبيك ترفض فرصة كبيرة بسبب خوفنا من تكرار المشكلة، إحنا تعلمنا من قبل، والآن نقدر نتصرف بوعي أكثر.”.

قال بقلق.

“بس ما أبي أرجع أخذلك.”.

ابتسمت.

“ما راح تخذلني إذا من البداية اتفقنا، وكنت واضح معي، وعطيتني جزءاً من وقتك حتى لو كنت مشغول، يمكن الوقت يقل، لكن إحساس الشراكة ما ينقص، هذا أهم شيء.”.

قال.

“يعني موافقة؟.”.

هزت رأسها.

“موافقة، بس بشرط.”.

قال بسرعة.

“آمري.”.

قالت.

“كل أسبوع، مهما كنت مشغول، يكون لنا وقت ثابت، نطلع فيه مع بعض، حتى لو ساعة واحدة، نتمشى، نشرب قهوة، نضحك، نلعب لعبة، المهم وقتنا الخاص، مو مؤجل.”.

ابتسم نواف براحة.

“صفقة.”.

كانت تلك المرونة من هديل، وذلك الوضوح من نواف، سبباً أن يمر المشروع بأقل خسائر نفسية ممكنة، رغم تعبه.

نعم، صار يرجع متأخراً أحياناً، نعم، تعبت هديل بعض الليالي وهي تنتظره، لكن الفرق هذه المرة كان في طريقة تعاملهما مع الوضع.

إذا تأخر، يرسل لها رسالة لطيفة في الطريق.

“حاسس بالذنب إني متأخر، بس بوعدك أول ما أرجع يكون الوقت لك.”.

وهي ترد عليه برسالة بسيطة لكنها تعني له الكثير.

“انتبه لنفسك، وجودك أهم عندي من الوقت اللي تنتظره.”.

.

لحظة امتنان

بعد عدة أشهر من هذا التغيير، وفي ليلة هادئة، كانت هديل ترتب غرفة النوم، ونواف جالس على طرف السرير يطالعها بابتسامة فيها امتنان.

قال فجأة.

“هديل.”.

استدارت له.

“نعم؟.”.

قال وهو ينظر لها بنظرة مختلفة، فيها عمق وهدوء.

“أحس إننا اليوم مو نفس نواف وهديل اللي كانوا قبل سنة، أحس إننا كبرنا في الحب، مو بس في العمر.”.

ضحكت بلطف.

“كلمة كبرنا تخوف شوي.”.

ضحك.

“أقصد نضجنا، تعلمنا نتكلم، نتفاهم، ما نخلي الزعل يكبر لحد ما يصير جدار بيننا.”.

اقتربت وجلست بجانبه.

“وأنا بعد أحس كذا، وأحس أن المشكلة اللي بينا رغم قسوتها كانت مثل المرآة، خلت كل واحد منا يشوف نفسه بوضوح، ويشوف شلون ممكن يجرح الثاني بدون ما يقصد.”.

قال نواف.

“أهم شيء عندي اليوم إنك تكونين بخير، قلبك مرتاح، حتى لو الدنيا برا كلها ضغوط، يكفيني أحس أن بيتي مليان دفء.”.

قالت وهي تضع يدها على يده.

“وأنا يكفيني أحس إنك تشوفني، تسمعني، مهما تعبت، تقعد معي شوي، تخليني أحس إني مو هامش في حياتك.”.

سكتا لحظة، ثم قالت هديل بخجل لطيف.

“تعال نلعب لعبة صغيرة قبل ما ننام.”.

قال متحمساً.

“لعبة؟ طيب، وش هي؟.”.

قالت.

“كل واحد فينا يقول ثلاث أشياء يحبها في الثاني، وثلاث أشياء وده يطورها لكن بلطف.”.

ضحك نواف.

“عاد الثانية هذي تخوف.”.

ضحكت هي أيضاً.

“لا، مو نقد قاسي، تطوير، نتساعد على تحسين بعض.”.

بدأت هي.

“أولاً. أحب فيك إحساسك بالمسؤولية، وما تحب تقصر في حق أحد.”.

“ثانياً. أحب فيك هدوءك، حتى في أصعب المواقف.”.

“ثالثاً. أحب فيك إنك تحاول، حتى لما تغلط، ما تهرب، تحاول تصلّح.”.

ثم قالت وهي مبتسمة بخجل.

“أما الأشياء اللي أتمنى نشتغل عليها.”.

“أولاً. تقلل من تمسكك بصمتك لما تتضايق، أحتاجك تتكلم أكثر.”.

“ثانياً. تحاول تتذكر تفاصيل صغيرة تهمني، مثل مواعيد مهمة أو أشياء قلتها لك.”.

“ثالثاً. تهتم أكثر بنفسك وصحتك، مو بس بالشغل، لأنك تهمني.”.

استمع نواف بتركيز، ثم أومأ.

“راح أحطهم في بالي واحد واحد.”.

جاء دوره.

“أولاً. أحب فيك قلبك الطيب، اللي دايم يحسن الظن حتى وإنت زعلانة.”.

“ثانياً. أحب فيك حنانك في البيت، حتى طريقة ترتيبك للأشياء تعلم الواحد معنى الاحتواء.”.

“ثالثاً. أحب فيك إنك ما تستسلمين للعلاقة، تحاربين عشانها.”.

ثم تنهد وقال.

“أما الأشياء اللي أتمنى نشتغل عليها.”.

“أولاً. لا تخلين تخيلاتك السلبية تجرفك بعيد، أحياناً تفسرين سكوتي بأشياء ما خطرت في بالي.”.

“ثانياً. عطيني فرصة أعبّر بطريقتي، مو دايم بالكلام، أحياناً بالأفعال.”.

“ثالثاً. لا تنسين تهتمين بنفسك كهديل، مو بس كزوجة لنواف، لأن هالشيء يسعدني كثير لما أشوفك راضية عن نفسك.”.

ابتسمت هديل بعمق، وأحست أن كل كلمة في هذه اللعبة كانت مثل لبنة جديدة في بناء علاقتهم.

.

النهاية المفتوحة

لم تكن حياة نواف وهديل مثالية، ولا خالية من المشكلات.

استمر بينهم نقاشات، واختلافات، وأحياناً دموع.

لكن الفرق كان في طريقة تعاملهم مع كل هذا.

صاروا يعرفون متى يتوقفون، ومتى يعتذرون، ومتى يفتحون قلوبهم، ومتى يسكتون لحظة احتراماً لمشاعر الطرف الآخر وليس تجاهلاً له.

تعلموا أن الحب ليس أن نعيش بلا خلاف، بل أن نعرف كيف نعود لبعض بعد كل خلاف.

تعلموا أن الكلام الصادق أهم من المجاملة، وأن الاعتذار ما ينقص من قيمة أحد، بل يرفعه.

تعلموا أن العلاقة الزوجية تحتاج تجديد، ألعاب، ضحك، جلسات مصارحة، ورسائل بسيطة، ودعوات صادقة في جوف الليل بأن يحفظ الله هذا البيت مهما تغيّر الزمان.

وفي تلك الليالي التي ينام فيها نواف وهديل وهما متقابلان، تتشابك أيديهما تلقائياً قبل النوم، كأنها عادة قديمة، لكنها تحمل معنى كبيراً.

معنى أن ما زال هناك رابط قوي، وأن كل ما مرّ بهما من ألم، صار الآن جزءاً من قصة جميلة، قصة زوجين اختارا أن يقاتلا معاً لا ضد بعض، وأن يجعلوا من الخلاف جسراً، لا حفرة.

وهكذا استمرت قصة نواف وهديل، ليست قصة خيالية بلا مشاكل، بل قصة حقيقية مليئة بالتفاصيل، بالتعب، بالتصالح، وباللحظات الصغيرة التي تصنع الفرق، وتجعل الحياة الزوجية أجمل، وأعمق، وأكثر معنى

مقالات ذات صلة